الرجل الذي أوصلته فكرته إلى أن يصبح شريك إديسون

  من المؤكد أن الأفكار هي أقوى الأشياء وخصوصا إن اقترنت بإرادة قوية وإصرار ورغبة مشتعلة لتحويلها إلى واقع نحياه ويتجسد في   صورة ثراء مثلا أو أي أمر مادي آخر نستطيع تحقيقه وتتغير به حياتنا إلى الافضل.
وعندما أتحدث عن الرغبة المشتعلة يتبادر إلى ذهني دائما إسم إدوين بارنز وهو الرجل الذي وصل إلى تحقيق حلمه الذي بدأ بفكرة ظلت تراوده  منذ كان طفل صغير بانه يرغب أن يكون شريكا للمخترع العبقري توماس إديسون الذي أصبح مالكا لمؤسسة ضخمة تقوم بتصنيع العديد من الأشياء بعد أن نجح في إبتكار المصباح الكهربي. 
وما يميز إدوين بارنز عن أي شخص هو أنه عندما قرر أن هدفه في الحياة هو أن يصبح شريكا لإديسون  لم يكن يمتلك أي شئ يؤهله لذلك بل انه لم يكن يعرف إديسون أصلا والأعجب انه لم يكن لديه المال الكافي حتى لدفع تذكرة القطار ليصل إلى ولاية أوريجون التي بها مقر مؤسسة إديسون. ولكن الفتى الصغير كان يدرك تماما ما يريده فهو لم يكن يحلم بالعمل في مؤسسة إديسون ولا حتى بالعمل عند إديسون وإنما كان حلمه هو أن يعمل مع إديسون ويصبح شريكه، والمؤكد هو أن هذه الرغبة لم تكن رغبة عادية ! وأن الفتى كان مصمما على أن يحققها لدرجة انه بالفعل ترك بلده وسافر
إلى أوريجون في قطار بضاعة لأنه لم يقبل بالفشل. وعندما وصل إلى معمل إديسون طلب موعدا معه وذكر أن الغرض من المقابلة هو أنه يرغب في أن يصبح شريكا للمخترع العظيم. 
وما حدث في هذا اللقاء الذي تم بالفعل قام السيد إديسون  بروايته بعد مرور سنوات طويلة فقال:

" وقف أمامي ، ومظهره لا يوحي بأكثر من أنه شخص متشرد، ولكن قسمات وجهه وهو يتحدث كانت توحي بأنه مصمم على تحقيق ما يصبوا إليه. وما تعلمته من السنوات الطويلة التي تعاملت فيها مع مختلف أنواع الرجال هو أن الإنسان عندما يريد أمرا ما بهذه الشدة لدرجة أن يضع حياته كلها على المحك ليحصل على هذا الأمر، فمن المؤكد أنه سيحصل على هذا الأمر. ولذلك أعطيته الفرصة التي أتى يطلبها، لأنني رأيت أنه قد حزم أمره وقرر أنه لن يتراجع حتى يصل إلى النجاح، وما حدث بعد ذلك أثبت أنني لم أكن على خطأ. "

والأمر المؤكد هو أن ما تحدث به بارنز في مقابلته لإديسون ليس له أهمية كبيرة مقارنة بما كان يفكر فيه. وهذا هو ما ذكره إديسون نفسه ! فمظهر الفتى الصغير لم يكن مؤهلا له بكل تأكيد لأن مظهره في الحقيقة كان من العوامل العاملة ضده. ولكن ما كان مهما فعلا هو ما كان يفكر فيه.
وبالطبع فإن الفرصة التي حصل عليها بارنز نتيجة لهذا اللقاء لم تكن مشاركة إديسون. ولكنه حصل على فرصة عمل في مكتب إديسون مقابل أجر متدني جدا، يقوم لقاءه بتأدية عمل ليست له أهمية كبيرة فيما يتعلق بإديسون ولكنه كان عملا ذو أهمية شديدة لبارنزلأن هذا العمل أتاح له أن يعرض ملكاته ومواهبه على إديسون شريكه بالتمني. ومرت شهور طويلة لم يتحقق فيها أمرا يصل بالفتى إلى تحقيق أمله الرئيسي المحدد. ولكن ما كان يفعله بارنز في ذلك الوقت هو أنه كان يبحث وتشتعل رغبته أكثر لكي يصل إلى هدفه في أن يصبح شريكا لإديسون.
وهذه الحالة التي كان الفتى عليها جعلته في حالة تأهب وإستعداد لا تتوقف حتى ينال ما يرغب فيه.
أي أنه لم يدر بخلده أفكارا من شاكلة " ليست هناك فائدة ويجب علي أن أبحث عن عمل أفضل براتب أعلى " ولكن ما كان يدور بذهنه هو " لقد أتيت إلى هنا لكي أصبح شريكا لإديسون وسوف أحقق هذا الهدف حتى لو قضيت عمري كله أطارده ". وهذا هو لب الأمر فامتلاك الهدف المحدد الذي ينمو في ذهن صاحبه حتى يصبح هاجسا لا يفارقه هو ما يميز الرجال عن بعضهم !

ثم أتت الفرصة ولكنها جاءت مغلفة بصورة مختلفة ومن إتجاه مغاير لما كان يتوقعه بارنز. وهذه هي إحدى الأمور التي تتصف بها الفرص. فالفرص عادة ما تأتي من المكان وفي الوقت الغير متوقع، وهي تأتي غالبا على صورة حظ سئ أو هزيمة مؤقتة. وربما كان ذلك هو السبب في أن الكثيرين لا يلاحظوها. فقد كان السيد إديسون قد أنهى واحد من إختراعاته التي كانت معروفة في هذا الزمن بإسم الإديفون (وهي ألة كتابة تعمل بالإملاء). ولم يكن العاملين في المبيعات لدى مؤسسة إديسون متحمسين لهذا الإختراع. فهم لم يكونوا يظنون أن بيع مثل هذه الآلة أمرا سهلا. ولكن بارنز رأى أن هذه هي الفرصة التي ينتظرها. وقد اتت الفرصة في صورة آلة غريبة الشكل لم يتحمس لها إلا إديسون وبارنز فقط.
وكان بارنز يعلم أنه قادر على بيع هذه الآلة. وأخبر إديسون بذلك مقترحا عليه أن يتولى هذا الأمر. وتمكن بالفعل من بيعها. ونجح في ذلك نحاحا عظيما لدرجة أن إديسون وقع معه عقدا لتوزيع الإديفون عبر الولايات المتحدة كلها. وتمكن الفتى من حملة البيع هذه أن يصنع لنفسه إسما مقترنا بإسم إديسون فقد كانت الجملة الدعائية المستخدمة للترويج للإديفون هي: " صنعها إديسون وركبها بارنز "

واستمر تحالف العمل هذا لمدة زادت عم الثلاثين عام. ومن هذه العلاقة تمكن بارنز من أن يصبح رجلا ثريا، ولكنه حقق ما هو أكبر من ذلك وهو أنه أثبت أن " الفكرة المقترنة بالرغبة المشتعلة هي طريق النجاح. "

وهكذا فإن قمنا بتثمين هذه الفكرة التي قادت هذا الرجل إلى النجاح سنجد أنها أثمرت عن مليونان أو ثلاثة ملايين دولار من دولارات هذا الزمن أي عام 1903. ولكن القيمة الفعلية للفكرة أثمن ذلك كما قلنا فهذه الفكرة قادته لأن يصبح فعلا شريكا لإديسون، بالرغم من أنه لم يكن يمتلك شيئا في البداية إلا أنه كان يعلم ما يريده ، ويملك العزيمة المطلوبة لمطاردة رغبته هذه حتى تمكن من تحقيقها. فهو لم يكن يمتلك المال ولم يكن متعلما إلا تعليما بسيطا جدا ولكنه كان يمتلك روح المبادرة، والإيمان، والإرادة اللازمة للإنتصار والنجاح


twitter شارك هذه الصفحة :

شارك الصفحة في الفيس بوك
شارك الصفحة في صدي قوقل
شارك الصفحة في تويتر Twitter
تابعنا عبر خدمة الخلاصات RSS
تابع تعليقات المدونة عبر الـRSS

أضف بريدك للاشتراك بالقائمة البريدية

Delivered by FeedBurner

0 comments:

Post a Comment

أضف بريدك للاشتراك بالقائمة البريدية


خلاصة المواضيع(RSS) | خلاصة التعليقات(RSS)